top of page

مقابر الصدقة

صورة الكاتب: ضياء البرنسضياء البرنس

تاريخ التحديث: ٢٦ مايو ٢٠٢٢

ضياء البرنس … يكتب: مقابر الصدقة


بدأت يومي على خبر وفاة لصديق في بلد عربي قريب مننا وتحركنا بالفعل لإجراءات الدفن ولأول مرة في حياتي أرى طريقة اللحد في الدفن.

واستغربت جداً عند دخول تلك المقابر.. فبرغم السيارات الفارهة التي أحاطت بأرض الدفن إلا أن كل المتوفين متساوين في طريقة الدفن.

ولا يوجد ما يميز قبر عن آخر ولا متوفي عن آخر ولا توجد أسماء على القبور فالكل داخل التراب ويعلوه كومة من الحصى وحجراً عن الرأس وآخر عند القدم.

فتساءلت هل هذه “مقابر الصدقة”.. ورد أحد أصدقاءنا متعجباً على تساؤلي بالنفي. فبدأت أسترجع بذهني في لحظات ذكرياتي في مصر مع المدافن منذ كنت صبياً.

وتذكرت زياراتي للمقابر مع جدتي منذ أن كان عمري خمس سنوات تقريباً، حيث تصطحبني معها صباح أول أيام الأعياد والمناسبات الأخرى إلى مقابر العائلة لزيارة والدتها والسابقون من الأقارب.

وتذكرت المقابر الخاصة… التي تحمل اسم العائلة وبداخل بوابتها قسمان أحدهما مجلس للزوار، والآخر مكان الدفن يمينه للرجال ويساره للنساء.

وكم من الوقت كنت أقضي لعباً إلى أن تنتهي مراسم الزيارة هذه بتوزيع المأكولات وقراءة القرآن ثم تختم بالدعاء لقاطني القبور.

ثم أخذتني لحظات مقارنة بين حالتي المقابر:

الجماعية التي لا فرق فيها بين غني أو فقير والكل سواسية بدون أسماء مجرد كومة من الحصى وحجران عند الرأس والقدم.

ومدافننا وحجراتها وأسماء العائلات والأشكال الزخرفية التي تبرز خارجها وكمالياتها بالداخل مجالس واستراحات ومكيفات هواء في بعضها للزوار.

وبعيداً عن المشروعية فقد قُتِلَ هذا الأمر بحثاً ويعلمه الغالبية من الناس، لكن أهم ما شغل بالي في هذه المقارنة هو عندما يموت في مصر من لا يملك مقابر يتم دفنه في مقابر يطلق عليها “مقابر الصدقة”.

هذا الاسم الذي جعلني أشعر كثيراً بالحرج، فكيف بعد أن عاش فقيراً وتحمل قضاء ربه وتقصيرنا كمجتمع في حقه، أن نُكمل عليه وندعي أننا نتصدق عليه، حتى في مثواه تحت التراب.

وانتابتني فكرة.. أليس من الأوقع والأفضل إلغاء مسمى “مدافن الصدقة” وإن كان مالكها شخص أو جمعية واستبداله بـ “المدافن العامة” تحت إدارة جمعية كذا.

باعتبار أن المجتمع إن لم يكن قادراً على رعاية فقراءه أحياء… لا يذلهم أموات.

وختاماً.. هل الموتى يشعرون؟ أم نحن المسئولون؟ ونتفاخر باسم مدافن الصدقة كعمل من أعمال الخير.


مقالي المنشور بـ : #هاشتاج_مصر

٥ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

Commentaires


bottom of page